قوله: و منْ آیاته یعنى و من آیات قدرته و دلالات وحدانیته، اللیْل و النهار و الشمْس و الْقمر لا تسْجدوا للشمْس و لا للْقمر و ان کثرت منافعهما. و قیل: خصا بالذکر لعبادة المجوس ایاهما و الصابئین. عن عکرمة قال: ان الشمس اذا غربت دخلت بحر تحت العرش فتسبح الله حتى اذا هى اصبحت استعفت ربها من الخروج فقال لها الرب جل جلاله: و لم ذلک؟ و الرب اعلم، قالت: انى اذا خرجت عبدت من دونک، فقال لها الرب: اخرجى فلیس علیک من ذلک شى‏ء حسبهم جهنم ابعثها الیهم مع ثلاثة عشر الف ملک یقودونها حتى یدخلوهم فیها.


قوله: و اسْجدوا لله الذی خلقهن اى خلق هولاء الآیات، إنْ کنْتمْ إیاه تعْبدون فاعبدوه وحده فان من عبد مع الله غیره لا یکون عابدا له.


قال معدان بن طلحة: لقیت ثوبان مولى رسول الله (ص) فقلت: اخبرنى بعمل یدخلنى الله به الجنة، فقال: سألت عن ذلک رسول الله (ص) فقال: «علیک بکثرة السجود لله فانک لا تسجد لله سجدة الا رفعک الله بها درجة و حط بها عنک خطیئة».


و قال ربیعة بن کعب الاسلمى: کنت ابیت مع رسول الله (ص) فآتیه بوضوئه و حاجته، فقال لى: سل، فقلت: اسئلک مرافقتک فى الجنة، قال: او غیر ذلک، قلت: هو ذلک، قال: «فاعنى على نفسک بکثرة السجود».


قال (ص): «اقرب ما یکون العبد من ربه و هو ساجد فاکثروا الدعاء».


و عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص): «لیس فى امتى ریاء ان راءوا فبالاعمال فاما الایمان فثابت فى قلوبهم امثال الجبال و اما الکبر فان احدهم اذا وضع جبهته لله ساجدا فقد برى‏ء من الکبر».


فإن اسْتکْبروا اى تکبروا عن الاجابة الى ما تدعو هم الیه و لم یترکوا السجود لغیر الله، فالذین عنْد ربک یعنى الملائکة یسبحون له باللیْل و النهار اى یسبحون و یمجدون و یکبرون و یهللون دائما و کلها تسبیح. و قیل: یصلون، و همْ لا یسْأمون اى لا تلحقهم سآمة و لا ملالة من التسبیح فان التسبیح منهم کالتنفس من الناس. اختلفوا فى موضع السجود، اعنى سجود التلاوة من هاتین الآیتین، فقال ابن عباس: اسجد بالآیة الآخرة. و کان عبد الرحمن السلمى و مجاهد یسجدان بالاولى.


روى «ان لله سبحانه ملکا یقال له حزقیآئل له ثمانیة عشر الف جناح ما بین الجناح الى الجناح خمس مائة عام فخطر له خاطر هل فوق العرش شى‏ء فزاده الله مثلها اجنحة اخرى فکان له ستة و ثلاثون الف جناح بین الجناح الى الجناح خمس مائة عام ثم اوحى الله سبحانه الیه: ایها الملک طر، فطار مقدار عشرین الف سنة فلم ینل رأس قائمة من قوائم العرش ثم ضاعف الله له فى الجناح و القوة و امره ان یطیر، فطار مقدار ثلثین الف سنة، فلم ینل ایضا فاوحى الله عز و جل الیه: ایها الملک لو طرت الى نفخ الصور مع اجنحتک و قوتک لم تبلغ ساق عرشى، فقال الملک: سبحان ربى الاعلى فانزل الله عز و جل: سبح اسْم ربک الْأعْلى فقال النبى (ص): اجعلوها فى سجودکم.


و منْ آیاته أنک ترى الْأرْض خاشعة اى یابسة غبر الإنبات فیها فإذا أنْزلْنا علیْها الْماء یعنى المطر «اهتزت» اى تحرکت و انفطرت لخروج النبات، «و ربت» اى انتفخت عند نزول المطر. و قیل: فیه تقدیم و تأخیر، اى ربت و اهتزت إن الذی أحْیاها لمحْی الْموْتى‏ فى الآخرة إنه على‏ کل شیْ‏ء من الاحیاء و الاماتة «قدیر» إن الذین یلْحدون فی آیاتنا اى یمیلون عن الحق فى ادلتنا، قال مجاهد یلحدون فى آیاتنا بالمکاء و التصدیة و اللغو و اللغط حین قالوا: لا تسْمعوا لهذا الْقرْآن و الْغوْا فیه. و قال السدى: یعاندون و یشاقون و قیل: یضعونها على غیر معناها. لا یخْفوْن علیْنا فتلقیهم فى النار. ثم قال: أ فمنْ یلْقى‏ فی النار و هو ابو جهل خیْر أمْ منْ یأْتی آمنا یوْم الْقیامة؟ قیل: هو حمزة و قیل: عثمان. و قیل: عمار بن یاسر، اعْملوا ما شئْتمْ هذا امر تهدید و وعید، اى لا یضر الله تعالى عملکم بما لا یرضیه و لا یخفى علیه فآثروا ما شئتم فانکم لا تضرون الا انفسکم، إنه بما تعْملون بصیر فیجازیکم علیه.


إن الذین کفروا بالذکْر اى بالقرآن لما جاءهمْ و هو حکایة عن الذین یلحدون فى آیاته، ثم اخذ فى وصف الذکر و ترک الجواب على تقدیر: ان الذین کفروا بالذکر یجازون بکفرهم. و قیل: خبره قوله: أولئک ینادوْن منْ مکان بعید و إنه لکتاب عزیز قال ابن عباس: اى کریم على الله: و قیل: عزیز لا یقدر احد ان یأتى بمثله.


و قیل: عزیز من تمسک به اعزه الله فى الدنیا و الآخرة.


لا یأْتیه الْباطل منْ بیْن یدیْه و لا منْ خلْفه قال قتادة: «الباطل» هو الشیطان اى لا یستطیع الشیطان ان یغیره او یزید فیه او ینقص منه. و قال مقاتل: لا یأتیه التکذیب من الکتب التی قبله و لا یجی‏ء من بعده کتاب فیبطله. و قیل معناه: لا یأتیه الکذب فى اخباره عما تقدم و لا عما تأخر. تنْزیل منْ حکیم حمید اى منزل من حکیم یقع افعاله محکمة، «حمید» اى حامد لنفسه و حامد لعباده المومنین.


ثم عزى نبیه (ص) على تکذیبهم ایاه فقال: ما یقال لک إلا ما قدْ قیل للرسل منْ قبْلک‏ یعنى: قد قیل للانبیاء قبلک من الساحر و المجنون و الکاهن کما یقال لک و کذبوا کما کذبت، هذا کقوله: کذلک ما أتى الذین منْ قبْلهمْ منْ رسول إلا قالوا ساحر أوْ مجْنون و فیه وجه آخر: اى ما یقول الله لک فى الوحى و التنزیل الا ما قال للرسل من قبلک فیما اوحى الیهم، هذا کقوله: إنا أوْحیْنا إلیْک کما أوْحیْنا إلى‏ نوح و النبیین منْ بعْده و کقوله: شرع لکمْ من الدین ما وصى به نوحا و کقوله: قلْ ما کنْت بدْعا من الرسل.


إن ربک لذو مغْفرة للمومنین و ذو عقاب ألیم للکافرین.


ثم عاد الى وصف الذکر فقال: و لوْ جعلْناه قرْآنا أعْجمیا اى لو جعلنا هذا الکتاب الذى تقرءه على الناس قرآنا اعجمیا بغیر لغة العرب لقالوا لوْ لا فصلتْ آیاته اى هلا بینت آیاته بالعربیة حتى نفهمها من غیر ترجمان أعْجمی و عربی یعنى: اکتاب اعجمى و رسول عربى؟ و هذا استفهام على وجه الانکار اى انهم کانوا یقولون المنزل علیه عربى و المنزل اعجمى. الاعجمى و الاعجم الذى لا یفصح و ان کان عربیا، و العجمى الذى ولدته العجم و ان کان فصیحا. و الاعرابى هو الذى یفصح و ان کان ولدته العجم، و العربى الذى ولدته العرب و ان کان لم یفصح.


بعضى مفسران گفتند این آیت جواب آن کافرانست که رب العزة ایشان را میفرماید: کفروا بالذکْر لما جاءهمْ چون قرآن بایشان آمد کافر شدند گفتند: چرا نه قرآن بزبان عجم فرستادند تا بمعجزه نزدیک‏تر بودى و از شک و گمان دورتر که محمد زبان عجم نداند و بر وى گمان نبرند که از ذات خویش مى‏گوید و نتواند که بزبان عجم کتاب نهد، رب العالمین بجواب ایشان گفت: اگر ما این قرآن بزبان عجم فرو فرستادیمى چنانک اقتراح کردند هم ایشان گفتندى: چرا نه بزبان عرب فرستاد که لغت ماست تا ما بى‏ترجمان بدانستیمى و دریافتیمى. آن گه گفت: قلْ هو للذین آمنوا هدى و شفاء بگوى مومنان را در ان شکى نیست که ایشان را هدى و شفاست، هدى من الضلالة و شفاء من الشک. اگر شکى است و گمانى کافران راست که کرى و گرانى در گوش دل دارند تا حق در نمى‏یابند، و قرآن برایشان پوشیده تا فراحق نمى‏بینند. أولئک ینادوْن منْ مکان بعید اى لا یسمعون و لا یفهمون کما ان من دعى من مکان بعید لم یسمع و لم یفهم مثل ایشان چون کسى است که او را از مسافت دور خوانند و آواز خواننده نشنود، او را از ان ندا چه منفعت باشد و چه حاصل بود؟


و لقدْ آتیْنا موسى الْکتاب فاخْتلف فیه هذا الاختلاف هو اختلاف الیهود آمن به بعضهم بتصدیقه محمدا و کفر به بعضهم بتکذیبه محمدا و منهم من حرف و بدل، کقوله: یحرفون الْکلم عنْ مواضعه و قیل: اختلف الیهود فى کتابهم کما اختلف قومک فى القرآن. و تم الکلام على قوله: فاخْتلف فیه ثم رجع الى القول فى العرب فقال: و لوْ لا کلمة سبقتْ منْ ربک قیل: هى الاجل المسمى، و قیل: هى قوله: «کتب ربکمْ على‏ نفْسه الرحْمة». و قیل: هى قوله: بل الساعة موْعدهمْ. و قیل: هى قوله و ما أرْسلْناک إلا رحْمة للْعالمین. و المعنى: لو لا کلمة سبقت من ربک فى تأخیر العذاب لقضی بیْنهمْ یعنى لفرغ من عذابهم و عجل اهلاکهم، و إنهمْ لفی شک منْه اى من صدقک «مریب» موقع لهم الریبة.


منْ عمل صالحا فلنفْسه ثوابه و منْ أساء فعلیْها عقابه هذا استغناء فیه طرف من الوعید، و ما ربک بظلام للْعبید اى هو منزه عن الظلم یقال: من ظلم و علم انه یظلم فهو ظلام.


إلیْه یرد علْم الساعة اى علم وقت الساعة عند الله فحسب کقوله: إن الله عنْده علْم الساعة. و قیل: من سئل عنها فعلمها مردود الى الله فیقول الله یعلم لا یعلمه غیره. و ما تخْرج منْ ثمرات قرأ اهل المدینة و الشام و حفص: «ثمرات» على الجمع. و قرأ الآخرون: «من ثمرة» على التوحید منْ أکْمامها اى من اوعیتها یعنى الکفرى قبل ان ینشق. و قیل: قشرها الاعلى من الجوز و اللوز و الفستق و غیرها.


و ما تحْمل منْ أنْثى‏ و لا تضع حملها «الا بعلمه» اى الا و الله عالم به و المعنى: یرد الیه علم الساعة کما یرد الیه علم الثمار و النتاج. و یوْم ینادیهمْ ینادى المشرکین: أیْن شرکائی الذین کنتم تزعمون انها آلهة؟ قالوا آذناک ما منا منْ شهید. «آذناک» اى اعلمناک.


و قیل: اسمعناک، من قوله: أذنتْ لربها. ما منا منْ شهید فیه قولان: احدهما انه من قول الآلهة، اى ما منا من یشهد لنفسه انه شریکک. و قیل: هو من قول المشرکین، اى ما منا من احد یشهد على نفسه بالشرک، لانهم لما عاینوا القیامة و العذاب تبروا من الاصنام.


و ضل عنْهمْ ما کانوا یدْعون اى یعبدون منْ قبْل فى الدنیا و ظنوا ایقنوا ما لهمْ منْ محیص مهرب.


لا یسْأم الْإنْسان اى الکافر. و قیل: هو عام للجنس، اى لا یمل الانسان من مسئلة المال و تمنى الغنى و الصحة، و إنْ مسه الشر اى ناله الفقر، «فیوس قنوط هما اسمان متغایران فى اللفظ معناهما واحد کالروف الرحیم، و العفو و الصفح، و المعنى: یوس من الخیر قنوط من عود النعمة، اى ظن ان لن یرجع الى الخیر ابدا. و قیل: یوس قنوط من الرحمة و الاجابة بسوء الظن.


و لئنْ أذقْناه رحْمة منا اى اصبناه عافیة و غنى منْ بعْد ضراء مستْه اى من بعد شدة اصابته، لیقولن هذا لی یعنى انا اهل لهذا و مستحقه، اى لا یرى ذلک تفضلا من الله یجب علیه شکره له، نظیره قوله تعالى حکایة عن آل فرعون: فإذا جاءتْهم الْحسنة قالوا لنا هذه و ما أظن الساعة قائمة اى ما اریها تکون، و لئنْ رجعْت إلى‏ ربی إن لی عنْده للْحسْنى‏ هذا کقوله: و تصف ألْسنتهم الْکذب أن لهم الْحسْنى‏ یعنى یفضلنى فى الآخرة کما فضلنى فى الدنیا لان تفضیله ایاى یدل على رضاه عنى، فلننبئن الذین کفروا بما عملوا قال ابن عباس: لنفقهنهم على مساوى اعمالهم، و لنذیقنهمْ منْ عذاب غلیظ شدید لا یفتر عنهم.


و إذا أنْعمْنا على الْإنْسان أعْرض عن الشکر و الطاعة متکبرا متجبرا، و نأى‏ بجانبه تباعد بکلیته. و قیل: اعجب بنفسه. و إذا مسه الشر فذو دعاء عریض اى ذو صیاح طویل. و قیل: فذو دعاء عریض اى اقبل على الدعاء الکثیر، و المعنى: لا یشکر على النعم و لا یصبر عند فقد النعم و لا منافاة بین قوله: «یوس قنوط» و بین قوله: فذو دعاء عریض لان الاول فى قوم و الثانى فى قوم. و قیل: یوس قنوط بالقلب دعآء باللسان. و قیل: یوس قنوط من الصنم دعآء لله.


قلْ أ رأیْتمْ إنْ کان هذا القرآن منْ عنْد الله ثم کفرْتمْ به الآن، منْ أضل ممنْ هو فی شقاق بعید معناه: الم تکونوا حینئذ مشاقین. و قیل: من اضل ممن صارفى شق غیر شق الحق.


سنریهمْ آیاتنا فی الْآفاق قال ابن عباس: الآیات فى الآفاق هى منازل المهلکین خاویة بما ظلموا، کقوله: منْها قائم و حصید و بئْر معطلة و قصْر مشید. و فی أنْفسهمْ من انقلاب الاحوال و تداول الایام. و قیل: فى انفسهم بالبلایا و الامراض. و قیل: فى انفسهم کانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما و لحما ثم صاروا من اهل التمییز و العقل.


و قیل: فى الافاق وقایع الله فى الامم و فى انفسهم یوم بدر. و قیل: فى الافاق من فتوح البلاد و الامصار و فى انفسهم من فتح مکة کقوله: أ و لمْ یروْا أنا نأْتی الْأرْض ننْقصها منْ أطْرافها. و قیل: «فى الآفاق» یعنى: اقطار الارض و السماء من الشمس و القمر و النجوم و النبات و الاشجار و الانهار و فی أنْفسهمْ من لطیف الصنعة و بدیع الحکمة و سبیل الغائط و البول حتى ان الرجل لیأکل و یشرب من مکان واحد و یخرج ما یأکل و یشرب من مکانین. و قیل: فى انفسهم إحیاءهم عند الصباح من النوم. و قیل: الآیات فى الآفاق» هو ما اخبرهم النبى علیه السلام بوقوعه من الفتن و ظهور الآیات فى آفاق الارض بعده و لم یصدقوه ثم کان کما اخبره. و قیل: هى طلوع الشمس من مغربها. و قیل: هى انشقاق القمر. قال بعض المفسرین: ان ابا جهل قال للنبى (ص): ائتنا بعلامة، فانشق القمر بنصفین، فقال ابو جهل: یا معشر قریش قد سحرکم محمد فوجهوا رسلکم فى الآفاق هل عاینوا القمر کذلک فان عاینوا شیئا فهو آیة و الا فذلک سحر، فوجهوا رسلهم فى الارض فاذا الناس یتحدثون فى انشقاق القمر، فقال ابو جهل: هذا سحر مستمر: فنزل: سنریهمْ آیاتنا فی الْآفاق و فی أنْفسهمْ حتى یتبین لهمْ ان القرآن و الاسلام و محمدا «حق».


أ و لمْ یکْف بربک یعنى: او لا یکفیک ربک ناصرا، کقوله: أ لیْس الله بکاف عبْده. و قیل: او لم یکف بربک شهیدا لانجاز ما وعد. و قیل: أ و لم یکف الانسان من الزاجر و الرادع عن المعاصى کون الله شهیدا علیه. و قیل: او لم یکفهم من الدلائل شهادة ربک أنه على‏ کل شیْ‏ء من اعمالهم «شهید».


ألا إنهمْ فی مرْیة منْ لقاء ربهمْ فى شک من البعث و الحساب، ألا إنه بکل شیْ‏ء محیط احاط بکل شى‏ء علما، اى عالم بکل شى‏ء قادر علیه حافظ له.